Saturday, September 29, 2012

فى سنة أربع وستين ومائتين كثر الإرجاف بالقرامطة ودخول مقدمتهم أرياف مصر



روى المقريزى قال

وفيه أى فى سنة أربع وستين ومائتين كثر الإرجاف بالقرامطة ودخول مقدمتهم أرياف مصر وأطراف المحلة، وأنهم ونهبوا واستخرجوا الخراج ثم رجعوا إلى أعمال الشام. ووصلت سرية القرامطة إلى أطراف الحوف، وأنفذ القرمطي عبد الله بن عبيد الله أخا مسلم إلى الصعيد، فنزل في نواحي أسيوط وإخميم، وحارب العمال، واستخرج الأموال، فثقل ذلك على المعز، وعاتب أبا جعفر مسلم، فاعتذر إليه، وتبرأ من أفعاله، ونزل الأعسم القرمطي بعسكره بلبيس، وتأهب المعز لمنعه ورده.

أما عن أخبار القرامطة ذلك أن الحسين الأهوازي لما خرج داعيةً إلى العراق لقي حمدان بن الأشعث قرمط بسواد الكوفة، ومعه ثور ينقل عليه، فتماشيا ساعةً، فقال حمدان للحسين: إني أراك جئت من سفر بعيد، وأنت معي فاركب ثوري هذا.

فقال الحسين: لم أومر بذلك.

فقال له حمدان: كأنك تعمل بأمر أمر لك ؟.

قال: نعم.

قال: ومن يأمرك وينهاك ؟.

قال: مالكي ومالكك، ومن له الدنيا والآخرة.

فبهت حمدان قرمط يفكر، ثم قال له: يا هذا: ما يملك ما ذكرته إلا الله.

قال: صدقت، والله يهب ملكه لمن يشاء.

قال حمدان: فما تريد في القرية التي سألتني عنها ؟.

وكان الحسين لما رأى قرمط في الطريق سأله: وكيف الطريق إلى قس بهرام.

فعرفه قرمط أنه سائر إليه، فسأله عن قرية تعرف بباتنورا في السواد، فذكر أنها قريبة من قريته، وكان قرمط من قرية تعرف بالدور على نهر هد من رستاق مهروسا من طسوج فرات بادفلي.

وإنما قيل له قرمط لأنه كان قصيرا ورجلاه قصيرتين، وخطوه متقاربا، فسمى لذلك قرمطا.

فلما قال للحسين: ما تريد في القرية التي سألتني عنها ؟ قال له: رفع إلى جراب فيه علم وسر من أسرار الله، وأمرت أن أشفي هذه القرية، وأغني أهلها وأستنقذهم، وأملكهم أملاك أصحابهم.

وابتدأ يدعوه، فقال له حمدان قرمط: يا هذا: نشدتك الله، ألا رفعت إلي من هذا العلم الذي معك، وأنقذتني ينقذك الله ؟.

قال له: لا يجوز ذلك أو آخذ عليك عهدا وميثاقا أخذه الله على النبيين والمرسلين، وألقى إليك ما ينفعك.

فما زال يضرع إليه حتى جلسا في بعض الطريق، وأخذ عليه العهد، ثم قال له: ما اسمك ؟.

قال له قرمط: قم معي إلى منزلي حتى تجلس فيه، فإن لي إخوانا أصير بهم إليك لتأخذ عليهم العهد للمهدي.

فصار معه إلى منزله، وأخذ على الناس العهد، وأقام بمنزل حمدان قرمط، فأعجبه أمره، وعظمه؛ وكان الحسين على غاية ما يكون من الخشوع صائماً نهاره، قائماً ليله، فكان المغبوط من أخذه إلى منزله ليلةً؛ وكان يخيط لهم الثياب ويكتسب بذلك، فكانوا يتبركون به وبخياطته.

وأدرك الثمر، فاحتاج أبو عبد الله محمد بن عمر بن شهاب العدوي وكان أحد وجوه الكوفة ومن أهل العلم والفضل إلى عمل ثمره، فوصف له الحسين الأهوازي، فنصبه لحفظ ثمره، والقيام في حظيرته، فأحسن حفظها، واحتاط في أداء الأمانة، وظهر منه من التشدد في ذلك ما خرج به عن أحوال الناس في تساهلهم في كثير من الأمور،

المصدر: اتعاظ الحنفاء للمقريزى 


No comments:

Post a Comment